التصميم وهاجس الوقت

   بداية لم أكن اسمي نفسي مصممة حتى أخذت ثلاثة دورات متتالية
عن التصميم والشعارت وفلسفة الألوان العام الماضي تكاد تكون من اروع الدورات التي درستها
قبل ذلك كنت فقط أعالج بثور صديقتي بالفوتشوب أو أضع صورة تالا بجانب ماشا والدب بالفوتشوب
نعم كنت مفتشبه فقط نسبة إلى مصممة في العرف اللغوي.قالت لي المدربة تماضر المرزوقي
بعد تطبيقي للدورة بأن لدي القدرة بالتملص خارج الصندوق وبعد هذا الوصف الذي شدني وضعت المدربة
امام عيني جهاز ما يسمى واكوم قالت لي جربي رسمك به وكخبرتي الطويلة في الرسم قمت بشخبطة
بورتريه لمهرج ما لا أعلم لماذا اخترت مهرج لكنه كان الأنطباع الذي استطيع رسمه بسرعه
بعد أن قامت المدربة بالثناء على الشخبطة السريعة قالت لماذا لاتدخلين إلى عالم التصميم الجرافيكي
,ثبت هذا المسمى في خيالي بينما كان المهرج التي تلتقى خطوط وجهة بفوضية ينظر إلي
مصممة جرافيك لماذا لا ؟طالما هربت من المسميات كل السنوات التي أمارس فيها الرسم
لم يخطر على بالي اني أكتب قبل اسمي فنانة تشكيلية او مشخبطة فوضوية
أما هذا المسمى الجديد فكان يجذب فضولي شيئا ما وكشخص فضولي لايترك شيء
في حاله دخلت هكذا في دهاليز التصميم
سنة كاملة مضت على هذا التساؤل سنة كاملة مضت وأنا أتعمق أكثر في الدهاليز
الدمج الرقمي الانفوجرافيك الموشن جرافيك المطبوعات الموك اب
الكولاج الذي اخذ شقفة من روحي كما يقول إخواننا في الشام مصطلحات تعريفات
وجدت ان هذا العالم ممنهج جدا أكبر من تصفية بثور البشرة
بدأت كمتطوعة في اكثر من مجموعة للتصميم وبكل اللطف كنت اقوم بتصميم
إعلانات للمساجد وشعارات للدور والمراكز والجمعيات الخيرية وبدأ اسم
المصممة فاطمة أكثر يشاع اكثر في مجموعات التطوع
في بداية السنة الهجرية طلبت مني
إحدى السيدات تصميم تقويم السنة الهجرية مع مصنف وطلبت مني ان يكون
بالإنطباع الذي أراه مناسب بالنسبة لذوقي لقد ضحكت وقلت في نفسي تريد
أن أصمم تقويم على ذوقي وأنا لم أقوم بإستخدام تقويم في حياتي ابداً

الأيام تنساب من يدي كسمكة تريد العودة للبحر والحياة ,
والوقت هذا الهاجس الذي يطيقه يزعجني إلى لدرجة إني
لا اطيق صوت الساعة ,كل توقيتي كان على حسب الشروق
أو الغروب الليل والنهار والصباح

عدت وسألت السيدة كيف تريدين أن يكون التقويم أنا لا أعرف أخشى
ان اقسم لك 50 يوماً في الشهر بعدها قامت بإرسال تقويمها وتصنيفها لقد بدأ لي
وكأني أصمم متاهة من الخطوط والأرقام والجداول هل يعقل أن يكون
الأنسان مرتب إلى هذا الحد هكذا تبادر إلى ذهني
سألتها هل تستخدمين هذه التصنيفات والجداول يوميا ,قالت نعم
وأرسلت لي صورة للأجندة التي استخدمتها العام الماضي اكتشفت
بعدها أن الفوضوية التي كنت أراها صفة مقترنة بالعظمة والعبقرية
سوف تصل يوما إلى العقل حيث تتتشابك الأيام والساعات
والأفكار العظيمة في دوامة
ولن ينتج عن هذه الدوامة سوى التشتت الفكري الذي لن ينتج أي شيء .
وكأن التصميم المجال الذي أدخلته عقلي هو الذي بدأ يصنف الأفكار الأيام
الساعات الأهداف الطموح الخرافات إلى أجندة مرتبة تأتي في وقتها وفي حينها هكذا بدا لي
دون أن أعي
أولا لم يكن التصميم كالرسم حيث بإمكاني أن ارسم بكل إستمتاع أمام فوضى عارمة
من الألوان والفرش واللوحات والزيت والماء وكوب من الشاي ,يتطلب التصميم عصف
ذهني يعني صفاء أكثر يعني ترتيب وهكذا سقطت خرافة فاطمة العبقرية الفوضوية
في وحل الأكريلك والزيت
يتطلب التصميم مكتب مرتب حيث بإمكاني أن أشعر بالأرتياح أكثر ,هكذا قمت بوضع
كل مخلفات الرسم في دولاب عتيق في الغرفة أعلم انها تشعر بالأرتياب لكن هذا ماحدث
يتطلب التصميم أنت تكون دقيقاُ في الوقت لأن شخص أخر ينتظرك بكل حماسة لكي يستلم عمله

هكذا قمت أخيرا بالإعتراف بالساعة قمت بضبط ساعة الهاتف وساعة الكمبيوتر اللوحي
أخيراً
هكذا أصبحت أكثر تنظيما في الوقت في النوم في الطعام في الأولويات
هكذا أشعر بالحرية التي كنت أتوهم فقط بأني أشعر بها في تكدس اللوحات
والفوضى والوقت الضائع .
لقد علقت لوحة كتبت عليها (الوقت) واعتبرها مواجهة حقيقة بين هاجس كان يؤرقني
كثيراً وبعض المخاوف لا تذهب إلا بالمواجهة هكذا علمني المسمى الجديد (مصممة جرافيك).

 968 total views,  1 views today